«واشنطن بوست»: الحفاظ على الذات سياسياً يعوق إنهاء حرب غزة

حماس ونتنياهو يواجهان خطر فقدان السلطة

«واشنطن بوست»: الحفاظ على الذات سياسياً يعوق إنهاء حرب غزة
تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة

اعتبر الكاتب الأمريكي، ديفيد إغناطيوس، أن كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحركة حماس يخاطران بفقدان سلطتيهما إذا انتهت الحرب في غزة، وتدرك كلتا الجهتين هذا الواقع جيدًا.

ووفقًا لمقال رأي نشره إغناطيوس بصحيفة "واشنطن بوست"، اليوم الثلاثاء، أصبح التوصل إلى اتفاق لإنهاء المعاناة الرهيبة للمدنيين الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين أمرًا وشيكًا، لكن الحفاظ على المصالح السياسية قد يكون العائق الأكبر أمام تحقيق السلام، حيث قد تؤدي نهاية الحرب إلى زوال كل من حركة حماس والحكومة اليمينية بقيادة نتنياهو.

وأكد إغناطيوس أن هناك الآن مطالب متزايدة من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء لوقف القتال والتوصل إلى اتفاق يقضي بإطلاق سراح الرهائن الفلسطينيين والإسرائيليين، وعلى الرغم من أن المتظاهرين المناهضين للحرب لا يمثلون الأغلبية في أي من الجانبين، إلا أنهم يعكسون مرارة هذا الصراع والإرهاق الذي ألحقه بكل الأطراف.

وقال إنه في غزة، انضم آلاف الفلسطينيين إلى الاحتجاجات ضد الحرب في الشهر الماضي، بحسب وكالة أسوشيتد برس، وفي هذا السياق، نقلت الوكالة عن محمد أبو صقر من بلدة بيت حانون قوله: "لم يكن الاحتجاج سياسيًا، بل كان دفاعًا عن حياة الناس.. لا يمكننا منع إسرائيل من قتلنا، لكن يمكننا الضغط على حماس لتقديم تنازلات".

التحديات السياسية الداخلية

وداخل إسرائيل، عبر بعض القادة الأمنيين عن قلقهم بشأن الاتجاه الذي تأخذ فيه الحرب، وفي رسالة مؤرخة في 3 أبريل، وقعها مسؤولون أمنيون كبار سابقون، جاء فيها: "نتنياهو يدفع إسرائيل إلى كارثة ويؤذي أمن الدولة ويقودها نحو ديكتاتورية".

وفي الوقت نفسه، تتواصل الجهود الدولية لإيجاد حلول سلمية، حيث تدعو أحدث مقترحات السلام إلى وقف إطلاق نار لمدة 45 يومًا وإطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين بالإضافة إلى مئات السجناء الفلسطينيين، ومع ذلك، رفضت حماس هذا الاتفاق بسبب عدم استدامته ولأنه يتطلب نزع سلاحها.

ومن ناحية أخرى، قد تزداد معارضة الفلسطينيين لحركة حماس إذا أدركوا عواقب الوضع الحالي، وتدعو العديد من الدول العربية المعتدلة إلى حكومة فلسطينية غير تابعة لحماس، تعززها سلطة فلسطينية موحدة.

ويحظى هذا الموقف أيضًا بدعم من العديد من القادة العسكريين الإسرائيليين، غير أن نتنياهو يرفض هذه الفكرة بسبب موقف شركائه في الائتلاف الذين سيعارضون أي تنازلات تُقدّم للسلطة الفلسطينية.

استمرار العنف وتداعياته

في الوقت الذي تستمر فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية، تستمر القنابل في حصاد أرواح المدنيين الفلسطينيين، أسفرت الغارات الجوية يوم الخميس عن مقتل ما لا يقل عن 40 شخصًا، معظمهم في مخيمات اللاجئين، وفقًا لعمال الدفاع المدني في غزة الذين نقلت عنهم وكالة فرانس برس.

وفي الشهر الماضي، أسفرت غارة إسرائيلية عن مقتل 15 مسعفًا وعامل إنقاذ فلسطيني، وتم إصابة العديد منهم بطلقات نارية في الرأس والصدر.

وتظل حرب غزة مأساة تزداد تعقيدًا مع مرور الوقت، وتحمل صور هذه الحرب، التي تخلدها الذاكرة، مشاهد فظيعة: إسرائيليون قُتلوا على يد أعضاء حماس في 7 أكتوبر 2023، وأطفال فلسطينيون قتلى في أحضان أمهاتهم، ومباني مدمرة في غزة، بالإضافة إلى معاناة الرهائن الإسرائيليين الذين يعانون في الأسر، وفي ظل هذه الظروف، تتبدد آمال السلام والأمن للجميع.

الافتقار لخطة لما بعد الحرب

تكمن الحقيقة المرة في أن نتنياهو لم يكن لديه خطة واضحة لما سيحدث بعد انتهاء الحرب، ورغم أنه يرفض أن تحكم غزة حماس، فإنه يرفض أيضًا تمهيد الطريق لحكم فلسطيني مستقبلي، وهو ما سيؤدي إلى تمزق الائتلاف الحكومي الإسرائيلي. 

وفي هذه الأثناء، تزايدت المعارضة داخل الجيش الإسرائيلي من قبل مئات من جنود الاحتياط والمتقاعدين في سلاح الجو الإسرائيلي، الذين أشاروا إلى أن الحرب في هذه المرحلة تخدم المصالح السياسية والشخصية أكثر من المصالح الأمنية.

ومنذ ما يقرب من عام، أدرك القادة العسكريون الإسرائيليون أنهم قد حققوا أهدافهم العسكرية الأساسية في غزة وأنهم بحاجة إلى قوة أمنية فلسطينية قادرة على تولي الأمور في القطاع.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي في وقت سابق من العام الماضي، يوآف غالانت: "لن نسمح لحماس بالسيطرة على غزة، ولا نريد لإسرائيل السيطرة عليها.. ما الحل؟ جهات فلسطينية محلية مدعومة من جهات دولية".

ورغم أن غالانت تم طرده من الحكومة بسبب مواقفه الصريحة، فإن مسؤولي الأمن السابقين أيدوا انتقاده.

مستقبل غزة يتطلب تحركًا حاسمًا

مع تزايد تدمير غزة والتداعيات الإنسانية الكارثية، يتزايد الضغط على كل من الإسرائيليين والفلسطينيين لإنهاء هذه الحرب، فيجب أن يتحقق السلام من خلال حلول سياسية واضحة، ولا يمكن أن تستمر الحروب إلى ما لا نهاية.

ويرى إغناطيوس إن حماس يجب ألا تحكم غزة مرة أخرى، ونتنياهو يجب استبداله إذا لم يكن قادرًا على إنهاء الصراع، ينبغي أن يُطالب الجميع بإنهاء هذه الحرب، من الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، لأن استمرارها يعني المزيد من المعاناة والموت.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية